الشيخ أحمد البدوي

مشايخ الصوفية علماء أولياء

العارف بالله القطب الشيخ أحمد البدوي رضي الله عنه

ومنهم الشيخ الأكبر والأسد الغضنفر أبو الفتيان وقطب أهل العرفان ومغيث الأسير مولانا السيد أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد بن أحمد البدوي الحسيني الشهير قدس الله سره، لبس الخرقة من الشيخ بري الرفاعي، وهو لبسها من الشيخ علي ابن نعيم البغدادي، وهو لبسها من السيد أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه.
يقول السخاوي: هو رضي الله عنه السيد أحمد البدوي بن علي ابن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن عمر بن علي بن عثمان بن حسين بن محمد بن موسى بن يحيى بن عيسى بن علي ابن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن السبط سيدنا الحسين ابن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما صفته فكان طويلًا، غليظ الساقين، كبير الوجه، ولونه بين البياض والسمرة.
ويقول الشعراني: هو شيخ الخرقة أبو العباس أحمد البدوي الحسيب النسيب رضي الله عنه، وشهرته في مصر والشام والحجاز واليمن والهند والسند والروم والغرب تغني عن تعريفه.
وكان مولده بمدينة فاس بالمغرب، فإن أجداده الشُّرفاء انتقلوا أيام الحجاج إلى أرض المغرب لما كثر القتل في الأشراف ولما بلغ سبع سنين سمع أبوه قائلًا يقول له في منامه يا علي انتقل من هذه البلاد إلى مكة.
قال الشريف حسن أخو السيد أحمد: فأقمت أنا وإخوتي وكان أحمد أصغرنا سنًا وأشجعنا قلبًا، وكان لكثرة تلثمه سميناه بالبدوي، فأقرأته القرءان ولم يكن في فرسان مكة أشجع من أخي أحمد، حتى كانوا يسمونه في مكة العطاب. فلما جاءته المواهب الإلهية وتغيرت أحواله واعتزل الناس ولازم الصمت، فكان لا يُكلم الناس إلا بالإشارة، ثم إنه رأى في منامه ثلاث مرات قائلًا يقول له: قم ثم سر إلى طندتا فإن بها مقامَك فسار إلى العراق ومنها إلى طندتا، ومرّ في طريقه إلى أم عبيدة فزار سيدي أحمد بن الرفاعي رضي الله عنه.
ولما وصل طندتا دخل إلى دار ابن شحيطة شيخ البلد فصعد إلى سطح غرفته، وأقام فوق السطح نحو اثنتي عشرة سنة، وكان يمكث الأربعين يومًا فأكثر لا يأكل ولا يشرب ولا ينام ذكر ذلك الحافظ ابن حجر، ومن هنا كان الناس يقولون فلان من أصحاب السطح، ويقولون سيدي أحمد السطوحي.
وليعلم أن سيدي أحمد البدوي أخذ البيعة في بدايته عن الشيخ عبد الجليل بن عبد الرحمن النيسابوري بسبعة وسائط، تنتهي بيعته إلى الإمام داود الطائي إلى الأستاذ حبيب العجمي إلى سيد التابعين الحسن البصري، إلى ابن عم المصطفى الإمام علي المرتضى كرم الله وجهه، وإنما سلوكه وإيصاله الغاية وقع على يد الشيخ بري الرفاعي.
ويقول سيدنا مولانا شيخ الإسلام الحافظ أمير المؤمنين في الحديث في السيد أحمد البدوي: عُرف بالبدوي لملازمته اللثام ولبس اللثامين حتى كان لا يفارقهما، وعُرض عليه التزويج فامتنع لإقباله على العبادة، وكان قد حفظ القرءان كله، ثم قرأ شيئًا من الفقه على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، واشتهر بالعطاب لكثرة عطبه لمن يؤذيه، وكان إذا عرض له الحال يصيح صياحًا عظيمًا متصلًا، ويؤثر عنه كرامات كثيرة وخوارق شهيرة من أشهرها قصة المرأة التي أَسر ولدها الفرنج فلاذت به فأحضره إليها في قيوده، ومر به رجل يحمل قربة لبن فأشار الشيخ باصبعه إلى القربة فانقدت فانسكب اللبن وخرجت منه حية عظيمة ميتة قد انتفخت؛ وقد لازم جماعة من أهل تلك البلاد خدمته رضي الله عنه، وبنوا على قبره مقامًا وميزوه عن أشياخ عصره، وحدث لهم بعد مدة عمل المولد الشريف عنده، وصار يومًا مشهودًا تقصده الناس من النواحي البعيدة وشهرة هذا المولد في عصرنا تكفي عن وصفه. اهـ.
ويقول المحدث العدل أبي المحاسن يوسف: ومما بلغني من جماعة من أهل بيروت قالوا أسرتنا الفرنج وكنا اثني عشر رجلًا، فأقمنا في بلاد الفرنج يستخدموننا في الأعمال الشاقة حتى كدنا نموت، فألهمنا الله تعالى يومًا أننا قلنا يا سيدي أحمد يا بدوي إن الناس يقولون إنك تأتي بالأسرى إلى بلادهم سألناك بالنبي صلى الله عليه وسلم أن تردنا إلى بلادنا قالوا ففي ذلك اليوم نزلنا مركبًا ليس فيها أحد وقذفنا، فلم يشعر بنا الفرنج حتى سرنا في البحر نحو ميلين، فخرجوا وراءنا، فلم يُدركونا إلى أن وصلنا بلادنا ببركة سيدي أحمد البدوي. اهـ.
ولو أردنا تعداد مناقبه وكراماته وأصحابه لا حجتنا أن نفرد لهم كتابًا مخصوصًا رضي الله عنه.